dimanche 18 septembre 2011

تاريخ الفتح الإسلامي للجزائر 2

تنبيه : أنا لست دارسا للتاريخ و لا باحثا فيه . و قد تتضارب الروايات و الأحداث و تتشعب،  و لكني أردت فقط أن أنقل لكم- باختصار شديد - عمل شيخ جليل عظيم و صاحب ثقة : الشيخ مبارك الميلي رحمه الله. و الله أعلم و أحكم. 

٢- العرب المسلمون في الجزائر
في سنة ٥٠ ه عزل الخليفة والي مصر معاوية بن حديج وولى مكانه مسلمة بن مخلد الأنصاري و جمع له بين ولايتي مصر و إفريقية.

و في سنة ٥٥ه  (٦٧٥م) استعمل مسلمة على إفريقية مولاه أبا المهاجر دينار فقدمها وأساء عزل عقبة وخرب مدينة القيروان  و أسس أخرى قربها و أخذ يغزو ويفتح.

وكان من ملوك البربر ملك يدعى كسيلة قد جمع جموعه بالمغرب الأوسط و زحف بها لقتال المسلمين  فخرج إليه أبو المهاجر و هزمه حول تلمسان و ظفر به، فاعتصم بالإسلام فاستبقاه و قربه. 

ولما أفضت الخلافة إلى يزيد بن معاوية، أعاد عقبة إلى ولاية إفريقية فقدمها سنة ٦٢ه (٦٨١م) و أنتقم من أبي المهاجر فاعتقله و نكب صاحبه كسيلة ،  ثم أخذ في غزو الروم و البربر حتى بلغ مدينة باغاية، و ألتقى هنالك بجموع البربر و الروم فدارت بينهم حروب عظيمة، و هزمهم عقبة بن نافع و غنم منهم خيلا لم يروا في مغازيهم أصلب ولا أسرع منها. 

و منها توجه إلى لمبس (تازولت) واشتد دفاع الروم و البربر عنها و كان النصر حليف العرب ، ثم سار إلى الزاب وسأل عن أعظم مدنه، فقيل له مدينة أربة (بوهران) ، فقصدها و بلغها عشية و من الغد هجم عليها. وكان البربر قد هابوه و التجأو إلى حصونهم ، فلما هجم عليهم دافعوه واستعرالقتال بين الفريقين ثم انجلى عن هزيمة البربر، و تركوا قتلى كثيرين.

و من أربة سار إلى تيهرت و أنتصر بها على جموع البربر و الروم، ومنها توجه إلى المغرب الأقصى فجاس خلاله بسرعته المدهشة حتى بلغ المحيط الأطلسي ثم قفل راجعا إلى القيروان و أذن لجيوشه باللحاق به.      

و كان أبو المهاجر في اعتقاله مصاحبا لعقبة في غزواته هاته ومعه أيضا كسيلة، و كان يستهينه. قال إبن خلدون :"يقال إنه كان يحاصره في كل يوم و يأمره بسلخ الغنم إذا ذبحت لمطبخه" 

أبو المهاجر - و إن كان بينه و بين عقبة حزازات شخصية - لم يكن ليخون دينه و دولته. فأخذ يشير على عقبة باصطناع كسيلة و يوقظه إلى سلبيات سياسته و يذكره بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جبابرة العرب و استئلافه لهم. ولكن عقبة لم يقلع عن سياسته.

 ولما إنتهى إلى مدينة طبنة، صرف الجنود إلى القيروان و لم يبق إلا في طائفة  قليلة، ثقة في إنتصاراته على البربر. و سار بتلك الطائفة قاصدا تهودا.

علم كسيلة بقلة من بقي مع عقبة فأرسل إلى الروم و البربر يعلمهم بذلك ، و أرسل أيضا إلى الكاهنة صاحبة جبل الأوراس ، فأقبلوا في جموع عظيمة ، و أحاطوا بشردمة عقبة. فلما رأى كثرتهم و قلتهم علم أنه مستشهد لامحالة . فسرح أبا المهاجر و قال له: "إلحق بالقيروان، فقم بأمر المسلمين و أنا أغتنم الشهادة ".  وكان أبو المهاجر تتيسر إليه النجاة لما بينه و بين كسيلة من المودة، ولكنه أبى أن يرجع سالما و يهلك عقبة. فأجابه بقوله:"و أنا اغتنمها أيضا".

هكذا كان أسلافنا. إذا كان بينهم أشياء شخصية، لا يذكرونها وقت الشدة و يتناسونها أمام الصالح العام. 

لما أحاط البربر و الروم بأصحاب عقبة، نزلوا عن خيولهم و كسروا أجفان سيوفهم إستطابة الموت على الأسر ، و حبا للموت الشريف و كراهية في الحياة إذا كان فيها الذل و الهوان. فقاتلوا حتى قتلوا عن أخرهم، و كانوا زهاء ٣٠٠ من الصحابة و  كبار التابعين. 

قال ابن خلدون :"و أجداث الصحابة رضي الله عنهم أولئك الشهداء عقبة و أصحابه بمكانهم ذلك من أرض الزاب لهذا العهد. و قد جعل لقبر عقبة أسنمة، ثم جصص و أتخذ عليه مسجد عرف باسمه. و هو في عداد المزارات و مظان البركة، بل هو أشرف مزور من الأجداث في بقاع الأرض  لما توفر فيه من عدد الشهداء من الصحابة و التابعين الذين لا يبلغ أحد مد أحدهم و لا نصيفه".

و مسجد عقبة هو المسجد الجامع للقرية التي تعرف لعهدنا هذا باسم سيدي عقبة، و ضريحه داخل المسجد. 

و صريح كلام ابن خلدون من أن تلك القطعة من أرض الجزائر أشرف بقعة تزار، يريد غير البقاع التي عرفت للأنبياء. و كلامه هذا صحيح. فللجزائر مفخرة لا ينازعها فيها وطن آخر بضمها لأجساد أولئك العظماء في الدين و التاريخ. عظماء في الدين لأنهم من أهل القرنين المفضلين على ما بعدهما من القرون، و قد ماتوا شهداء، و إليهم يرجع الفضل في إسلامنا، الذي نعده أشرف شي أخذه الأسلاف عن أمثالهم، و أعز تراث تركه لنا الأجداد الأمجاد. و عظماء في التاريخ لأنهم جاسوا خلال الشمال الإفريقي من تونس إلى سوس الأقصى في ظرف ثلاثة أعوام -على ما في الزياني - من غير معرفة بهذا الوطن ولا مساعدة من أهله .

و إن عقبة بن نافع لجدير بأن يخص بالتأليف، فإنه من أعظم أبطال التاريخ، غزا الروم بحرا من مصر، و أفتتح غدامس و ذهب منها إلى ودان  ففزان ، و انتهى إلى السودان و فتح كورامنه. كل هذا قبل أن يشرع في حرب إفريقية !

وإن من نظر إلى أبعاده في الغزو وانتصاره على العدو مع تماثل السلاح و فقدان وسائل النقل و الإطلاع، إذ لم يكن في ذلك العصر الآلات و الخرائط الجغرافية- من نظر إلى ذلك مع تلك الحال أكبر عقبة أيما إكبارا، وأكبر تغافلنا عن تاريخ عظمائنا. الأمر الذي جرأ كثيرا من خونة التاريخ أو الجاهلين به المتطفلين عليه على تشويه ماضينا و دوس حاضرنا.  

-من كتاب "تاريخ الجزائر في القديم والحديث " للشيخ مبارك الميلي رحمه الله-
                


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire