في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فتح العرب المسلمون الشام و مصر و طرابلس . و في عصر عثمان (رضي الله عنه) فتحت إفريقية.
في سنة ٢٧ه (٦٤٧م ) صدر الأمر من الخليفة لوالي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري بالهجوم على إفريقية فقدمها بعشرين ألفا. و كان في جيشه من وجوه الصحابة أهل الشجاعة و الدهاء من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله بن جعفر و عبد الله بن عباس و عقبة بن نافع. فخرج إليهم جرجير صاحب سبيطلة ب ١٢٠٠٠٠ من الروم و البربر، و ألتقى الجمعان على مسافة يوم و ليلة من سبيطلة، فاستعر القتال بين الفريقين و أنتهت المعركة بقتل جرجير و انهزام جيشه.
و بعد هذا الانتصار المشجع المرعب دخل المسلمون سبيطلة و انتشروا في السهول يشنون الغارات على الروم و البربر ، و قد بلغو في غاراتهم قفصة و فتحو قصر ألاجم صلحا .
و بعد سنة و ثلاثة أشهر أقامها الجيش الإسلامي بافريقية، طلب أهلها الصلح و تحملو لعبد الله بن أبي سرح بمال عظيم قبل إنجلاء العرب عنهم. فقبل المال و عاد إلى مصر يحمل غنائم جليلة.
لما بلغ هرقل إمبراطور القسطنطينية خبر انهزام الروم و البربر و ما حملوه من المال لابن أبي سرح غضب منهم و نقم عليهم تسليم ذلك المال للعرب وأمرهم أن يقدمو له من المال مثلما حملوه للعرب، ووجه بطريقا لتنفيذ هذا الأمر.
فلما نزل البطريق بقرطاجنة و أعلمهم بأمر الإمبراطور حنقو عليه و قالو: الواجب في هذه الحال إعانتنا لا تغريمنا. فأصر البطريق على تنفيذ أمر الإمبراطور ، فافضى الجدال إلى القتال و أنتصر البطريق عليهم و خلع ملكهم الذي نصبوه مكان جرجير ، فذهب هذا الأخير إلى الشام مستنصرا بالمسلمين .
قضى البربر و الروم ثمانية عشرة سنة بعد انجلاء العرب عنهم في الفوضى، و قد شغل العرب بالعودة إلى غزوهم بما كان من أمر الفتنة الكبرى .
ولما أفضت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه)، طلب منه ملك إفريقية المخلوع أن يعينه على إسترجاع منصبه ، فوجه معه جيشا عربيا بقيادة معاوية بن حديج السكوني الكندي الصحابي. و لما بلغواالإسكندرية توفي الملك المخلوع و مضى الجيش لطيته.
كان قدوم معاوية سنة ٤٥ه (٦٦٥م) في عشرة ألاف فيها من عظماء العرب من أمثال عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس و عبد الملك بن مروان، و خرج البطريق لملاقاتهم في ثلاثين ألفا، فانهزم عند قصر ألأجم و فتحت سوسة و بنزرت و جربة، و غزيت صقلية و أتخذ معاوية أبارا للجيش بمكان القيروان.
و في سنة ٤٦ه (أو ٤٧ه) استقدم الخليفة معاوية بن حديج و ولاه على مصر و إفريقية ، ثم أنتزع منه إفريقية، ثم عزله عن ولاية مصر سنة ٥٠ه.
و بعد معاوية أرسل الخليفة إلى إفريقية عقبة بن نافع الفهري.
إشتغل عقبة باخضاع البربر و الروم لولايته و تثبيت قدم المسلمين بافريقية. فأسس مدينة القيروان سنة ٥٠ه بمواد من الخرابات الرومانية ، ثم عزله معاوية وولى على مصر و إفريقية معا مسلمة بن مخلد.
-من كتاب "تاريخ الجزائر في القديم والحديث " للشيخ مبارك الميلي رحمه الله-
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire